عنسني الغرور

موضوع: عنسني الغرور الثلاثاء يوليو 01, 2008 2:53 am

أنعم الله عز وجل علي بنعم عظيمة، فأنا جميلة وذات أخلاق حميدة، مما جعل الكثيرين من الشباب يرغب في الزواج مني.وكنت أصدهم ولأني كنت أرغب أن أستقر ماديا وأحصل على وظيفة ثم بعد ذلك أفكر في الزواج. ولم يكن رفضي للزواج رفضا للراغبين بالزواج مني أنفسهم، وإنما كان رفضي للزواج ذاته.
التحقت بمركز تكوين الأساتذة، وبدأ يطرق بابي كثيرون طالبين الزواج مني وكنت أرفض دوما، لكن هذه المرة لم يكن رفضي للزواج ذاته، بل رفضي كان بسبب المتقدمين لطلبي، فقد دخلني الغرور ، فأنا الآن أستاذة جميلة يتمناها كل شاب.
بدأ الغرور يمتلكني ويكبر، حتى صرت أنظر إلى كل من يتقدم إلى طلبي بعين الاستصغار وأنه ليس من مقامي، مع أن كل الطالبين كانوا من خيرة الشباب وفيهم الشروط التي لا ترفضها أي فتاة.
كان غروري وكبريائي يطلبا مني أن يكون زوجي رجلا جميلا وغنيا وذا سلطة... فأنا لست بالتي تتزوج بأستاذ أو غيره.
تخرجت من المركز وبدأت بالعمل، ولازال العرسان يطرقون الباب ، كلما تقدم أحد لطلب الزواج مني كلما ازداد نماء غروري وكبريائي، وقد كان آخر هؤلاء أحد زملائي في العمل شاب وسيم ملتزم فيه مواصفات فارس أحلام كل فتاة ، لكني لم اكن أراه كذلك.
ولا أنسى أني عاملته معاملة كلها كبر وتعجرف وتوبيخ، حتى أني أشفقت عليه من كثر ما لاقاه مني..
وهكذا بدأت أوراق أيامي تتوالى يوما بعد يوم وبدأت أكبر، لكن الغريب أنه لم يعد يتقدم لي أحد لأن كل من أراد ذلك ، يسأل عني ويسمع حكايتي فيخاف مني ، ويخشى صدودي له فيمتنع من مفاتحتي في الموضوع.
عدنا من عطلة الدورة الأولى، وفي أول يوم بدأ زملائي يباركون للزميل الذي كنت وبخته، يباركون له على زواجه بزميلة لنا، والفرحة مرسومة على شفاه وملامح الجميع، لم أعرف ماذا جرى؛ لكن أحسست بضيق صدري، ودوار في رأسي.. لم أستطع العمل ذلك اليوم ومنذ دخلت حجرة الدرس وأنا جالسة على الكرسي ، ولا تقدر رجلاي على حملي ... ومرت الساعتان كأنها سنتان .
عدت إلى منزلي وجلست أفكر ماذا حدث لي، وماذا أزعجني، أليست أنا من رفضه ، يجب أن أتحمل نتيجة غروري .
فصبرت نفسي وحاولت أخد الأمر ببساطة لكن كلما رأيته أو رأيت زوجته ، انتابني إحساس بالحزن والندم ... ندمي على فرصة ملكتها وضيعتها... لكن كنت أنظر إلى المرآة فأرى جمالي، وأذكر أني أستاذة فيعود التفاؤل إلى قلبي.
بدأت الأيام تمر، والشهور تجري، والسنين تعدو، ولم يطرق بابي أي عريس، أو طرقها من هم أدنى ممن كانوا قديما.
بدأت أفكر متألمة حزينة، أغوص في النتائج الأليمة التي صرت إليها... فبعد ما كنت أرفض عرسان لاعيب فيهم، أصبحت أتمنى عريسا كيفما يكون .
واستخلصت أن الغرور والكبرياء ، لايؤدي بصاحبته إلا إلى التهلكة والعنوسة ، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " وقد جاءني فلم أفعل ، فخالفت الله ورسوله ، وضيعت حياتي،وعنسني الغرور.