مر على زواجنا أكثر من عشر سنوات ، ولنا ثلاثة أبناء، والأكبر عمره ثمان سنوات ، كنا نعيش حياة هادئة كزوجين سعيدين، نتقاسم الحلو والمر معا ، كنت إلى جانبه ولم أتخلى عنه أبدا.
رغم أن ظروفنا المادية لم تكن جيدة إلا أن حبنا لبعضنا والمودة التي كانت تجمع قلوبنا كانت وجاء لنا من كل شقاق.
كانت حياة بسيطة سعيدة تارة، وصعبة تارة أخرى، وكان زوجي يعمل طوال اليوم ويرجع منهكا إلى المنزل ولم يكن يخرج ليلا إلا لقضاء صلاة العشاء ثم يعود... لكنه في الأيام الأخيرة تغير حاله وأصبح يدخل متأخرا فقد أصبح يتردد كثيرا على مقاهي الإنترنيت، فيقضي بها الساعات الطول.
لم أكن أعلم الكثير عن هذا الإنترنيت، وعندما أسأله عنه يقول إنه عالم فريد تعرفين من خلاله المعلومات الكثيرة ، في لحضات قليلة ودون عناء ، وأنه وسيلة للتواصل مع أناس في مختلف دول العالم ، والأهم أنه يمكن أن يساعد في إيجاد عمل...
اعتبرت الإنترنيت شيئا جميلا، لكن لم أكن أعرف أنه شيطان لعين يفرق بين المرء وزوجه.
بدأت أعتاد على تأخر زوجي ، وبقاءه بين أحضان الإنترنيت، ولا أعلم ماذا يفعل ... إلى أن بدأت أشتاق إليه فقد أصبح يبيت خارج البيت ، وعندما أرسل ابننا يقول إنه في مقهى الإنترنيت القريب منا، وعندما أسأل زوجي يقول إنه اشترك بليال بيضاء للإنترنيت ، حيث يبيت الليل كله في هذا المقهى ... ساءني هذا الغياب كثيرا ، لكنه كان يهدئني بأنه يبحث عن عقد للعمل بالخارج وانه يعقد اتصالات مع إحدى الشركات التي تدرس حالته ووعدته بعمل في أقرب حين ... فكنت أهدئ من روعي ..
استمر حالنا يستاء، و اشتد سوءا حين ترك زوجي العمل، لأنه يدخل إلى البيت في الصباح متعبا ، ولا يستطيع الذهاب إلى العمل ، وعندما نبهته إلى خطورة الأمر وإلى ضرورة العودة إلى العمل كان يجيب ساخرا وهل تعتبرين هذا العمل عملا، وأن وطننا ليس للعمل...
بدأت ألاحظ تغيرا في سلوك زوجي؛ الذي لم يفتح كتابا قط مند تزوجنا، لقد تغير حاله وأصبح يطالع كتبا كثيرة ، وأسمعها يردد الاسبانية كثيرا وعندما سألته قال إن الشركة التي أخبرني أنه يتواصل معها وهي شركة برازيلية ، قد وافقت على طلبه ، واشترطت عليه تعلم الاسبانية .
هكذا مرت الأيام والليالي، حتى جاء في صباح عائدا من اعتكافه ، يخبرني أنه يجب أن أوقع له أوراقا تسمح له بالزواج من امرأة أخرى ... وأنه تعرف على امرأة من البرازيل عبر الانترنيت وأنها ترغب بالزواج منه... وعندما رفضت ذلك توعدني بالطلاق .
أردت ألا أفقد زوجي، وحاولت تهدئته، والتجأت إلى أحد أقاربنا، لكنه كان مصرا على فكرته...
بدأ زوجي يخرج أثاث المنزل لبيعه ... بدعوى انه يحتاج إلى ثمن تذكرة للذهاب إلى البرازيل ، حتى أنه لم يترك كأسا ولا ملعقة في البيت.
وسافر إلى البرازيل تاركا زوجته وابنه في هذه الغابة يتربص بنا الوحوش كل يوم ، فهذا صاحب المنزل يريد الأجرة، والبقال يطالب بدفع الدين، والأطفال يحتاجون إلى لباس ... وهو لم يصلنا خبر عنه منذ شهرين ... مما اضطرني إلى الخروج بحثا عن العمل.
ومنذ ذلك الحين لم أسمع عنه شيئا.
هذه أنا وهذا زوجي فرقنا الشيطان اللعين: الانترنيت.