منح الثقة بالنفس:
عن ابن عباس – رضي الله عنه- قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تُدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله، فقال: إنه ممن قد علمتهم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون ( إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون) حتى ختم السورة، فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نُصرنا وفُتح علينا، وقال بعضهم لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئاً، فقال لي: يا ابن العباس أكذلك تقول؟ قلت: لا ، قال: فما تقول؟
قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فتح مكة، فذاك علامة أجلك ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ) قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
لقد منح سيدنا عمر بن الخطاب،ابن عباس وهو لا يزال طفلا،الثقة بالنفس،هذا العطاء وهذه المرتبة جعلت هذا الأخير يبدي موهبته،ويرتقي مرقى العلماء.
وهذا الموقف التربوي نفتقده في تعاملنا مع الأطفال،فكثيرا ما نقسو على الطفل،ونسيء فهمه،فنزدريه ونحتقره،فنجهض مواهبه وملكاته.
إن منح الثقة بالنفس يكون من خلال خلق وضعيات مشكلة،نضع الطفل ونقحمه فيها،ونختار هذه الوضعيات حسب ما نلمسه من مواهب لدى الطفل،فكم من طفل أميتت مواهبه وقدراته لأنه لم يجد من يثق فيه وفي مواهبه.
وهذا سمرة بن جندب يلفت انتباهنا إلى هذا الموقف،وكأنه يشكو عدم منحه الفرصة، فقد روى مسلم في صحيحه أن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه، قال: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً، فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالاً هم أسن مني.
فلنشجع أطفالنا على طلب العلم ومخالطة العلماء، ففي حضور الناشئ مجالس العلماء ومن يكبرونه سناً وقدراً تكريمُ لهم وتوسيعُ لمداركهم وتبصيرُ لهم بأمور الحياة، طبعا مع تعليمهم آداب المجلس وكيفية التخلق فيه، فلا يطاولوا الكبار في مجالسهم أو يتقدموهم بحديث أو كلام.
ومن المهم مناقشة الطفل وطلب رأيه فيما يسمعه من أحداث مع توضيح ما غمض عليه منها وفقاً للمرحلة العمرية التي يمر بها.