ودعنا أمس الشاعر الكبير محمود درويش عن عمر يناهز 67 سنة في مستشفى هيوستن في ولاية تكساس الأميركية حيث كان الشاعر يخضع للعلاج بعد جراحة القلب التي أجراها يوم الاربعاء الماضي.
ودرويش هو واحد من الشعراء الفلسطينيين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة والوطن.وهو شاعر القضية الفلسطينية بامتياز.
تستحضرني هنا الكثير من أعماله التي ستبقى خالدة منها: وعود العاصفة ، إلى امي ، خطاب الديكتاتور،جدارية، بطاقة هوية سجل، والعديد من القصائد الرائعة ، وكان اروع أن تستمع الى الطريقة الفريدة في الإلقاء عند درويش،
فهل استراح قلب درويش أخيرا من وجع قضية تزداد كل يوم ألما، وما أقسى الألم عندما يضغط القريب على الجرح النازف.
ستبقى يا درويش في قلوبنا بأشعارك التي تغنينا بها عند كل مناسبة تهم فلسطين.
ارتاح الان فلم يعد هناك وميض يبعث الامل في ليل دامس.
يقول درويش في قصيدة "بطاقة هوية":
سجِّل
أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجِّلْ
أنا عربي
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
والأثوابَ والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
ولا أصغرْ
أمامَ بلاطِ أعتابكْ
فهل تغضب؟
سجل
أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
يعيشُ بفورةِ الغضبِ
جذوري
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي.. من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا إسمٌ بلا لقبِ
سجلْ
أنا عربي
ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
ولونُ العينِ.. بنيٌّ
وميزاتي:
على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل!
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ
فهل ستأخذُها
حكومتكمْ.. كما قيلا؟
إذنْ
سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي!!
__________________