بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد ،،
إن للناس في رمضان أحوال, وقد يختلف كل منا عن الآخر بحسب جنسه, وظروفه, وأحوال حياته, من سفر أو مرض أو غير ذلك من الأمور التي قد تطرأ علينا في أيام هذا الشهر الفضيل, فلهذا نلقي نظرة على أقسام الناس في رمضان وهي عشر, وحكم كل قسم منهم:
أولاً: المسلم البالغ العاقل المقيم القادر السالم من الموانع
فيجب عليه صوم رمضان أداء في وقته لدلالة الكتاب والسنة والاجماع ،
قال تعالي {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة/185] .
ثانيًا: الصبي
فلا يجب عليه الصيام حتي يبلغ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم –
" رفع القلم عن ثلاث ... الصغير حتي يكبر..." . رواه أحمد وأبو داود والنسائى وصححه الحاكم .
ولكن يأمره وليه بالصوم إذا أطاقه تمرينًا له علي الطاعة حتي يألفها بعد بلوغه ، فهذا كان فعل الصحابة رضي الله عنهم.
ثالثًا: المجنون
وهو فاقد العقل فلا يجب عليه الصيام لأن العقل مناط التكليف للحديث السابق " رفع القلم عن ثلاث ... وعن المجنون حتي يفيق " ، ولا يلزمه القضاء ، لأنه ليس أهلاً للوجوب، وإذا كان يفيق أحيانًا فيصوم هذه الأوقات .
أما المغمى عليه فلا يصح صومه ، لكن يجب عليه القضاء لأنه مكلف .
رابعًا: الهرم الذي بلغ الهذيان وسقط تمييزه
فلا يجب عليه الصوم ولا الإطعام عنه لسقوط التكليف عنه بزوال تمييزه فإن كان يميز أحيانًا ويهذي أحيانًا وجب عليه الصوم حال تمييزه .
خامسًا: المريض أو العاجز عن الصيام عجزًا لا يرجى زواله
كالكبير والمريض مرضًا لا يرجى برؤه , وكذلك أصحاب الأعمال الشاقة الذين لابديل لهم عن هذه الأعمال ، فلا يجب عليه الصوم لأنه لا يستطيعه لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكينًا ويجوز أن يوزعه حبًا بمقدار مدّ 15 أو أن يعد طعامًا يوزعه علي المساكين أو يدعوهم إليه بقدر الأيام التي أفطرها
* قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما "فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " رواه البخاري .
سادسًا: المسافر
{وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة/185]
* وفي صحيح مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمى أنه قال :- " يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح فقال النبي – صلي الله عليه وسلم – هى رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " والأفضل للمسافر فعل الأسهل عليه من الصيام والفطر فإن تساويا فالصوم أفضل لأنه أسرع في إبراء ذمته وأنشط له إذا صام مع الناس .و إذا كان في السفر مشقة فعليه الفطر لقول النبي – صلي الله عليه وسلم – للصائمين في رمضان مع السفر الشاق " أولئك العصاه , أولئك العصاه " . رواه مسلم
سابعًا: المريض الذي يرجى برؤه
وله ثلاث حالات :-
(1) أن لايشق عليه الصوم ولا يضره : فيجب عليه الصوم لأنه ليس له عذر يبيح الفطر .
(2) أن يشق عليه الصوم ولا يضره : فيفطر لقوله تعالي : {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة/185].
(3) أن يضره الصوم : - فيجب عليه الفطر ولا يجوز له الصوم لقوله تعالي :- {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } [النساء/29] ولقوله – صلى الله عليه وسلم – " إن لنفسك عليك حقا " رواه البخاري .
ثامنًا: الحائض والنفساء
فيحرم عليهما الصيام ولا يصح منهما لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- في النساء : " ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " قلن : وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله ؟ قال : " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ " قلن : بلى , قال : " فذلك نقصان عقلها , أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ " قلن : بلى . قال : " فذلك نقصان دينها " . متفق عليه .
ويجب عليها القضاء بعدد الأيام التي فاتتها وفي حديث عائشة - رضي الله عنها – " كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " رواه مسلم .
تاسعًا: المرأة إذا كانت مرضعًا أو حاملاً وخافت على نفسها أو ولدها
فإنها تفطر لحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال :- " قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - :- ان الله وضع عن المسافر شطر الصلاة , وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام " . أخرجه الخمسة ، واللفظ لابن ماجة وهو حسن . وعليها القضاء بعدد الأيام التي أفطرت حين يتيسر ذلك ويزول عنها الخوف كالمريض إذا برئ .
عاشرًا: من احتاج إلى الفطر لدفع ضرر غيره
كإنقاذ مسلم من غرق أو حريق أو هدم أو نحو ذلك ولا يمكنه إنقاذه إلا بالتقوي عليه بالأكل والشرب جاز له الفطر , بل وجب عليه الفطر حينئذ لأن إنقاذ المعصوم واجب , ويلزمه قضاء ما أفطره . ومثل ذلك من احتاج إلى الفطر للتقوي علي الجهاد في سبيل الله سواء كان ذلك في السفر أو في بلده وعليه أن يقضي بعد ذلك .
وفي الختام لا بد من التنويه إلى مسألة قضاء رمضان لمن أفطر فيه,فإن كل من لزمه القضاء في الأقسام السابقة يقضي بعدد الأيام التي أفطرها والأولى المبادرة بالقضاء من حين زوال العذر لأنه أسبق إلى الخير وأسرع في إبراء الذمة ويجوز تأخيره إلى ما قبل رمضان الثاني ولا يلزم فيه التتابع ، والدليل قوله تعالى : {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}